Sunday, March 8, 2015

دكتور حرب (مريم السحراوى)

القاهرة .. مصر.
 ديسمبر 1970م
-اتفضل حضرتك , الدكتور هيبقي جاهز خلال خمس دقايق.
-تمام.
*يجلس المريض و يبدأ القرأة بمجلة الكواكب طالباً فنجان من القهوة مُنتظراً للطبيب الأمهر في المنطقة التي يسكن بها*
-مساء الخير يا دكتور.
-اهلاً استاذ ياسر, مساء النور , اتفضل.
"الاستاذ ياسر الجزائري الجنسية ابن الستين .. ولد ف سنوات ما قبل الدمار 1910 من أبٍ عامل و امٍ غالية في أسرة متوسطة , عاصرت احتلال فرنسا للجزائر و عاصروا الحرب العالمية الثانية"
-شكرا يا دكتور ,انا لسّا تعبان .. الدوا مابيعملش حاجة
-يعني مفيش اي تحسُّن؟ طب حضرتك ممكن تحاول تحكي المرة دي؟
-ممكن .. هحاول ..
انا كان عندي 29 سنة ساعتها و الي حدٍ ما كنت سعيد في حياتي, لسا فاكر دُعا الوالدة و اخر كلام الوالد. لحد ما قرار التجنيد وصل.
"استاذ ياسر يُطلب من قِبل الأحتلال الفرنسي للمُحاربة ف الحرب العالمية التانية عام 1939 مع دول الحلفاء التي كانت تنتمي إليها فرنسا و دخل في عراك نفسي طويل بسبب الأوهام و التخيُلات التي كانت تُرسم في خياله خوفا من الموت او بمعني أوضح من طريقة الموت.
كيف بدأت و كيف انتهت .. كيف انقلب العالم بعد 7 سنوات من الدمار و المعارك الدموية و بعد مقتل اكثر من 2,5 في المئة من سكان العالم و نَفذْ موارد الحياة من المأكل و المشرب و تلوث البيئة بسبب القنابل و الأسلحة الغير أدمية التي كانت تُستخدم من قِبل الطرفيين , هي لم تكُن مجُرد حرب عالمية .. بل كان مُسلسل بطيئ لتدمير الكوكب"
-ها و بعدين؟
-رُحت مع الجيش الأحتلال كُنا كتير .. بس احنا كُنا العساكر اما الظبّاط فكانوا فرنساوين ، فَاحنا اللي كنّا خَدْمينهُم و بنحاربلهُم كل حاجة كان مترتبلها كويس, هتلر كان دماغ كان اقوي واحد فيهم و هو الليّ بيهم اصلاً .
-انتَ بتتكلم عنّه كأنك تعرفه يا استاذ ياسر؟
- أه طبعاً عارفه .. و فهمه. كنت بشوفه في تنفذّ أوامره و دايماً كنت بسمعهم بيتكلموا عنّه، كنت بشوفه في اسلحته و فرحته ف قتل الناس و حرقهم .. كنت بشوفه في قلة رحمته و انا واقف قُدام اخويا العربي و فيديّ السلاح .. كنت عارفهُ .. كُنت عارفه!
-إهدّه إهدّه .. ممكن نكمل كلامنا المرة الجايا افضل؟
"تذكّر عندما كان في قلب الحرب يصرخ إشتياقاً للحياة الطبيعية او حتي للحرب دفاعاً عن وطنه لا عن وطن مُغتصِب يأبى الحرب لنفسه حتى .. تذكر الجثث المُلقاه علي الارض دون رحمة .. تذكر الطفل الذي كان يبكي علي فقدان والديّه و تذكر المُراهق الذي خُطف ليحارب غصباً تاركاً دراسته .. تذكر كم كانت الحياة قاسية غير عادلة معه و مع رفاقه .. تذكر الماضي ليحاول مرة اخيرة ليتَعايش مع الحاضر .."
-لا انا تمام يابنيّ .. تفتكر هبقي كويس؟
-ربنا رحيم بعبادة يا عم ياسر ..
-انا عارف و مؤمن بيهّ .. بس انا كنت بحب محمد
-مين محمد؟
-محمد صديقي .. أحد رفاق الحرب اللعينة .. و كان من فوايدها.. و كان معانا رفيق بس رفيق مات قُدامنا، مات لما دقات قلبه وقفت من الخوف ، كان مصري هو و محمد .. اتفقنا اروح معاه مصر لأهله و اتعرف عليهم .. بس روحت لوحدي. انا و محمد .. و حتي محمد سابني وسبب الوفاة كان الأكتئاب مالشافُه. عشان كدة انا جيت يا دكتور انا مش 
عايز اموت .. انا عايز اشوف الزمن الجاي هيبقي أرحم ولا الحرب الدموية ارحم..


No comments:

Post a Comment