Wednesday, March 11, 2015

كئيب ابعد عنى (مصطفى)

كئيب ؟ , إبعد عني. كثيرون هؤلاء ذوو تلك العيون قامِتة السوادِ , ليس لونَها بالطبعِ , لا بل مَنظوُرها .. ربما تُحاوِل أنْت الفَتى الطَمُوح الآمِل أن تُجمِع التفاؤل المُشتت من حولِك تجميعًا , محاولةً مِنك للتعايُش مع مُجتَمَعك اليائِس .. ولكِنّ رُبما دائمًا تُصادِف هذا الشخص المِسكينَ قليل الحيلةِ الذي لا يري فى الزَهرِ سوى شوكَه , وفى العلمِ إلَّا تعقيدَه , وفى النعمةِ سوى حقيقة زوالِها .. يرفُض الإستِمتاع باللحظةِ التى يَحيَاها , بالنَفَسِ الذي يَزفِره , يرفُض النَظر إلى أن هنالك كوب موجود من الممكن ملأ نصفه .. فلا تَنزِل الأَجِنة من بُطونِ أُمهاتِها عُلمَاء يُفكرون في شئونِ الذَرةِ و عُلومِ الفَلَك .. و كذلك لم ينزل <<سُقراط>> حكيمًا ومُتأملًا .. ولكنه إعتَمد على المُشكلاتِ لإيجاد الحُلول القاطِعة .. أَخَذ بالأسبابِ .. وكذلك نحن .. علينا الأخْذُ بالأسبابِ .. فكثرُ ما عدُت إلى بَيتِي مُكتئبًا وقَلقًا على هذا المستقبلِ غير واضح الملامح الذي يقف لى خلف تلكَ الخطوةِ التي بالكادِ أخطُوها .. بسببِ كَلمة لا حاجة لها عن صعوبةِ هذه الخُطوة .. فقد أَخَذ هذا الشَخص يَتنبأ عني بوضعي حينها وكيْف هُنالِك عواقب وخيمة تنتظِرُني.. فزَاد تفكيري و زاد و زاد وزاد حتى فَشَلت .. ولكنني قد أخذت الحيرةُ عقلي فى التفكير فى مَاهيةِ هذا الشخص .. وكيْف إكتَسَب تلك النظرةَ البغيضةَ ؟ .. ولكّنَني عَرِفتُ لاحقًا .. الإيمان ياصديقي , فرُبما ضَعْف إيمان هذا الشخص -حينما إستَبَق حدثَ قبل وقوعِه وأَخَذ يُرسِل أفكاره للنهاية المأساوية قبل الحميدة- هو الذي دَفَعهُ لكي يَنظُر لِلمُستَقبَل بهذا الشكلِ .. و ضَعْف الإيمانِ- أيضًا هو الذي يدفعُ الشخصَ للخوفِ من زوالِ نعمةَ اللهِ قَبل حمدِه عَليها .. ولكن ءألا إن فرجَ اللهِ قريبُ ؟ .. فمَهما كثُر الهم فوق عاتقِ الإنسانِ مالهُ إلا أن يدعو ربَه فى خلوةٍ ويكون الفرجُ بعدها لحظيَ .. جلّ الله من أن يعتقد فيه عبده بأن ليس هُناك مايُفعل .. لقد حُتِم مصيرُه وقدرُه مُنذ وُلِد بأن يعيشَ دهره كله حزينًا بائسًا .. تَغلِقُ السعادةُ أبوابها المُذهبةِ فى وجههِ .. قد مُنِعت عنه الفرحة .. فأخذ يُتاجِر بهمومهِ ومصائبِه .. ولكنه نسى أن الفرجَ قريبُ .. لا تيأس يا صاحبي -الذي عَرِفتهُ والذي لم أعرِفُه- فلكلِ بداية نهاية .. ولكل حقيقة مَرار .. ولكل خُطوةٍ عواقِبها .. ولكلِ نعمةٍ ميعاد لزوالها ... ولكن التَحسُر على مستقبل لا تَعلَمُه , و غيبٌ وِسعُ خيالِك أصغرُ من أن يستَوعِبه , لَن يُفيدك شيئًا .. و إعلم جيدًا بأن هذا العقل الباطن الذي تُخزن فيه أنت تنبؤاتك المسمومة لن يحاوِل تغيير المصير الذي خططته لنَفسِك .. و كُن على درايةِ أنَه لا عاصِم من أمرِ اللهِ .. وإن اللهَ يعرِض نِعمَه عليك مادمت حيًا, لا عليك إلا الثقة بوجوده الدائم, وأن هذا الدم الذي يجري الآن فى أورِدَتَك هو أقربُ منه إليك.. وتأكد يا صاحبي أن الله لم يتركك بعد أن خلقك لتواجِه عواصف الدروب وحدك .. ولكنه يجعل لك الحلول في باطن المصائب .. وربما تكون هذه المصيبة أو الأزمة منجاة من أزمة أعظم منها .. فيستقيم بيت علي بن أبي طالب -رضي اللهُ عنه : "فكـم لله من لطف خفي" .. وكُن مؤمنًا حقًا أن رحمةَ اللهِ وَسِعَت كُل شئ .. فلا طفل يولد إلا برزقِه .. ولا رجل يموت إلا بخلفِه .. و لا دابة تمشي على الأرضِ ولا زرع تطرح سنابلُه إلا بعلم الله .. فكفاك همًا وحزنًا .. وأعِد بسمةً قد نَساها وجهُك إلى محاجرِها .. و رَ الله فى وجوه الخلق و في أرواحهم .. وتأمل تحرك الزهور على أغضان جامدة و سيل المياةِ فى نهورٍ جاريةِ .. و أنظُر لهُ فى نفسِك .. فأنت مازِلت حيًا ومازَالت تَهبِط نِعمُه عليك .. فعِش لحظة تحياها الآن ولا تندب حظًا فات أو مستقبلًا لم يأتِ بعد .. 
وإذا لم تُفَكِر في أن تُغيِر نظرة عينيك .. ولم تزل كئيبًا .. فإبعد عني

No comments:

Post a Comment