Thursday, April 30, 2015

الزائر المُميت (Salma Gamal)

بسم الله الرحمن الرحيم..
الزائر المُميت
كانت منهمكة في مذاكرة مادة الأحياء التي تعشقها،كل تركيزها علي الأسماء المعقدة التي يصعب حفظها ،و كأنها منشغلة هكذا لتششت نفسها عن أمر ما!
أمرٍ مزعج يكمن دائماً معها و يلازمها دائماً!و يا ليت تلك الأمر يتركها في حالها....
ظلت تذاكر هكذا حتي وجدت مياةٍ منهمرة علي إيديها.تركت قلمها و فجأة تبخرت الأسماء التي تعبت في في حفظها و كأن الكون يتلاشي من حولها، وثم استندت بظهرها إلي الوراء و باتت تسترجع ما سبب هذة المياة المنهمرة؟
يا الله لم الحياة هكذا؟ لم الحياة تظل مبتسمة ثم فجأة تكشر عن أنيابها المفترسة؟
انهمرت دموعها و بكثرة،و هي لا تعي كيف توقف تلك الفيضان!
كم تكره نفسها و هي في تلك الحالة!
توقفت عن البكاء و لم تعبأ بمسح دموعها و لكنها مضت تفكر!
لم دوماً تنتهي هكذا؟ لم البكاء؟لم الخوف!
نعم إنه الخوف! ذلك الوحش المخيف الذي يفترس ما تبقي من روحها المرحة كل يومٍ!
حياتها علي ما يرام! ليس يوجد ما يقلقها!
هي تفعل ما تحب و مِجدة في دروسها،تحب من حولها و كل شيءٍ حولها في هدوء و تناسب!
و لكن تعلمون تلك هي المشكلة!
فالعواصف المميتة يكون دوما قبلها الجو هاديء و مستقر!
هي خائفة من كل شيء! خائفة أن تصبح تلك الحياة الوردية بشعة لا روح بها! خائفة من سهام القدر المفاجأة التي تأتي في الصميم!
ماذا بعد؟ ستظل هكذا؟ الخوف يسرق عمرها يومٍ بعد يومٍ!
ليت أحد يفهمها! فكلما تُحدث أحدً عن شعورها أو مخاوفها تُتهم بالجنون و السطحية! فحياتها مثالية لم الخوف و القلق إذاً! لم هذا التفكير المتلوي؟!
كم مقتت الناس و كم أرادت أن تخبرهم أن هذا الشعور ليست هي من تختاره! إنه شعور يأتي وقتما يحب و يمكث مثلما يريد!
لقد ملت من كونها ضائعة هكذا بلا جدوي،و لكن ما الحل؟!
اعتدلت و قامت من علي مقعدها و قررت أن تتجه إلي شباك غرفتها و أن تنظر إلي الشوارع الخالية....و كأن لهذا الشباك مفعول سحري....
وقفت و الهواء البارد يصطدم بوجهها المُندي من الدموع،توقفت عن التفكير لبرهة و أشاحت بوجهها ناحية السيارات المتحركة.
ظلت تراقب السيارات في هدوء و ثم انتقل نظرها إلي المارة أمامها
تمعنت بهم شخصاً شخصاً.
ملابسهم،وجوههم،طريقة كلامهم،كيف يضحكون....مشطتهم تمشيطاً شاملا ً!
و فجأة صعق رأسها بعض الأسئلة التي لا إجابة لها!
"تُري هل يوجد من بين هؤلاء من هو مثلي؟"
"هل حياتهم علي ما يرام كما أري؟ أم هم يدفنون ما يؤلمهم بداخلهم!"
"هل إذا تحدثت مع أحداً منهم سوف يفهمني و يشعر بما يراودني؟"
شلالات من الأسئلة التي لا لون لها!
أسكتت أفكارها المتمردة و أغمضت أعينها و قررت أن تستمتع بالهواء الذي قليلا ً ما يمر من شباك غرفتها!
ظلت هكذا حتي شعرت أن روحها في مكانٍ و أن مخاوفها سجينة تشاهد روحها و هي طليقة!
تخيلت هذا الموقف و كأن خوفها مسجون،و هي حرة لا يوجد ما يقلقها!
و ثم أفاقت من تخيلها! و أطرقت تفكر....
لم لا تفعل هكذا في الحقيقة؟!
لماذا لم تسجن خوفها و تترك نفسها آمنة سعيدة؟!
لم هي دائماً أضعف!
هي لن تكون كذلك بعد الآن، إنه ليس بشيءً هين و لكن هي ملت من كونها ضعيفة و قلقة ولا بيدها حيلة!
أخذت نفساً عميقاً و كأنها تودع الهواء العليل،أغلقت شباك غرفتها ،و اتجهت إلي مقعدها لكي تُنهي ما لم تذاكره.
و كانت تعي بداخلها إنها سوف تكون مختلفة عن ما هي عليه! بطريقة أو بأخري!
و تمتمت لنفسها أن انتظار البلاء قبل حدوثه لن يجلب إلا مزيداً من البلاء،و إنه هي فقط من بيدها طرد تلك الزائر المميت الذي يسرق كل يوماً جزءٍ من فرحتها المفقودة.
نعم،يمكنها طرده و إلي الأبد...

No comments:

Post a Comment